كلمة السفير الصيني لي تشنغ ون بمناسبة حلول
اليوم الوطني السعودي والعيد الوطني الصيني وعيد الأضحى المبارك
إن اليوم اليوم الوطني الـ84 للمملكة العربية السعودية. إني كدبلوماسي صيني قد عمل وعاش في المملكة نحو 3 أعوام، شهدت بكل سرور أن الشعب السعودي تحت القيادة الحكيمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز حقق انجازات مرموقة في مسيرة التنمية والتطور للبلاد. وقد بعث الرئيس الصيني شي جين بينغ برقية تهنئة بهذه المناسبة مؤكدا أن الصين ظلت تعطي الأولوية لتطوير علاقاتها مع المملكة على قائمة دول المنطقة.إن الجانب الصيني على استعداد لبذل جهود مشتركة مع الجانب السعودي لتوطيد أواصر الصداقة بين بلدين وتعزيز التواصل والتعاون في كافة المجالات، سعيا الى دفع علاقات الصداقة الاستراتيجية الصينية السعودية الى الأمام باطراد. كما تقدم الرئيس شي بتمنياته المخلص للمملكة بالازدهار والرخاء ولشعبها السعادة، مهنئا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز بموفور الصحة وموصول التوفيق.
ظلت العلاقات الصينية السعودية تتطور بزخم سريع منذ اقامة العلاقة الدبلوماسية بينهما. جدير بالذكر ان زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد السعودي الى الصين في العام الجاري تكللت بنجاح كامل. فالتقى سموه خلال الزيارة بكل من الرئيس شي جين بينغ ورئيس مجلس الوزراء لي كه تشيانغ وعدد من كبار المسؤولين الصينيين، حيث تبادل الجانبان وجهات النظر بشكل معمق حول سبل تطوير علاقات الصداقة الاستراتيجية الصينية السعودية وحول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتم التوصل الى توافق هام، مما ساهم في رفع العلاقات الثنائية الى مستوى جديد. لا يخفى أن تعاون البلدين فعال ومثمر في قطاعات التجارة والاقتصاد والطاقة، إذ استوردت الصين من السعودية 53.9 مليون طن من النفط الخام في عام 2013م وبلغ حجم التجارة الثنائية 72.2 مليار دولار أمريكي. فتبقى السعودية أكبر شريك تجاري للصين في غربي آسيا وأفريقيا لأكثر من 10 سنوات على التوالي، بينما أن الصين ثانية أكبر شريك تجاري للسعودية حاليا. توجد 158 شركة صينية تعمل في المملكة في مجالات البنية التحتية والبتروكيماويات والاتصالات والخ. وهناك أكثر من 600 طالب صيني يدرسون في المملكة، بينما تجاوز عدد الموفودين الطلبة السعوديين الى الصين 1300 شخصا. كما يحافظ البلدان على التنسيق والتعاون الطيبين في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب وغيرها.
نحن الصينيين مقبلون على عيدنا الوطني - الذكرى الـ65 السنوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية التي تصادف أول أكتوبر القادم. فيطيب لي بهذه المناسبة أن أتقدم باسمي شخصيا وباسم جميع أعضاء السفارة، بأصدق التحيات وأطيب التمنيات للمواطنين الصينيين الذين يعملون ويدرسون ويعيشون في السعودية.
بدأت حكومة الصين وأبناء شعبها منهمكين بجهود دؤوبة في بناء ديار جميلة منذ قيام الصين الجديدة عام 1949م. لما دخلت الصين عام 2013م، فتجاوز حجم ناتجها المحلي 9 ترليونات دولار أمريكي بما يتبوأ المركز الثاني في العالم، كما هي صاحبة رقم الأول في تجارة السلع واحتياطي العملة الصعبة في العالم، إضافة الى الأشواط الكبيرة التي قطعتها في كل من قطاعات الصناعة والزراعة والتعليم والعلوم والتقنية والصحة والسياحة. تشهد الصين الآن استقرارا سياسيا وازدهارا اقتصاديا وتقدما اجتماعيا، وأصبحت من أسرع الكيانات الاقتصادية نموا في العالم. وفي النصف الأول من عام 2014م، بقيت نسبة النمو لناتجها المحلي على مستوى عال بـ 7.4%.
وفي نفس الوقت، يجدونا ذهن واضح أن نرى أن المعدل الفردي للنائج المحلي في الصين مجرد 6700 دولار أمريكي، وأن الصين لا تزال بلدا ناميا. لذا، تسعى الحكومة الصينية الى تعديل النمط التنموي وتحقيق التنمية المستدامة اقتصاديا واجتماعيا على أساس ضمان استقرار النمو الاقتصادي. إن القيادة والحكومة الصينية الجديدة وضعت الأهداف التنموية الطموحة التي تتمثل في "إثنين مئة سنة. الأول، مضاعفة قيمة إجمالي الناتج المحلي ومعدل دخل الفرد لسكان الحضر والريف مرة واحدة بالمقارنة مع ما كان عليه في عام 2010 وإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل بحلول عام 2020 أي الذكرى الـ100 السنوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. الثاني، إنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة غنية قوية ديمقراطية متحضرة ومتناغمة بحلول أواسط القرن الحالي أي الذكرى الـ100 السنوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. تسير الصين الآن بخطوات ثابتة على طريق نحو مرحلة أعلى مستوى نموا. إن التنمية الصينية قد وستكون تخدم شعوب العالم بأسره بما فيه الشعب السعودي.
رغم المسافة البعيدة التي تفصل بين الصين والسعودية، يتكامل البلدان بعضهما البعض اقتصاديا، ويحترم بعضهما البعض سياسيا، ويتسامح بعضهما البعض ثقافيا. هناك أمنيات تنموية مشتركة يصبو إليها كلا الشعبين في تحقيق حياة أفضل، ويمر كلا البلدان بمرحلة تنموية انتقالية حاسمة الى مرتبة أعلى. خلال الدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي التي عقدت في شهر مايو العام الجاري، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ إطار تعاون " 1+2+3" على أساس "الحزام والطريق":"1" يمثل ضرورة اتخاذ التعاون في مجال الطاقة كالقاعدة الأساسية وإقامة علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية في مجال الطاقة التي تتميز بالمنفعة المتبادلة والوثوقية والود الدائم من خلال تعميق التعاون في سلسلة صناعة النفط والغاز الطبيعي بأكملها والحفاظ على سلامة قنوات النقل للطاقة. ويمثل "2" ضرورة اتخاذ مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمارات كجناحين لتعزيز التعاون الصيني العربي في مشاريع تنموية كبرى ومشاريع معيشية نموذجية ووضع ترتيبات نظامية تعزز التجارة والاستثمارات بين الجانبين. أما "3" فيقصد بضرورة الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني العربي في 3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة كنقاط اختراق تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة. كل ما ذكر أعلاه يتيح فرصا جديدة لتطوير العلاقات الصينية العربية وخصوصا العلاقات الصينية الخليجية، مبشرا بآفاق مشرقة. إن الجانب الصيني على استعداد لبذل جهود يدا بيد مع السعودية لتعميق علاقات الصداقة الاستراتيجية بينهما وخلق مستقبل أفضل لهذه العلاقات، بما يحقق المصالح الاقتصادية والاجتماعية المتبادلة للبلدين الصديقين.
يحلنا بعد بضعة أيام عيد الأضحى المبارك لجميع المسلمين في العالم. سيشارك أكثر من 20 مليون مسلم صيني إخوانهم المسلمين في العالم في الاحتفال بهذا العيد. فيسعدني أن أنتهز هذه الفرصة للإعراب عن أطيب التهاني والتمنيات الى المملكة قيادة وحكومة وشعبا والى جميع المسلمين فيها.